ترى شركة “Fidelity” أن الارتفاع القوي في أسهم الذكاء الاصطناعي سيواصل مساره، مدعوم بخطط الإنفاق الضخمة لمطوري التقنية وتسارع تبنّي المستخدمين لها، وذلك رغم تزايد التحذيرات من احتمالية تشكّل فقاعة في السوق.
يشير “جوزيف تشانغ”، مدير المحفظة الاستثمارية في الشركة، إلى أن التراجع الأخير في أسهم شركات أشباه الموصلات العالمية قبل إعلان نتائج شركة “إنفيديا” قد يكون مؤقتا، متوقع عودة الانتعاش ما لم تظهر بوادر تباطؤ في الإنفاق الرأسمالي أو الاستخدام الفعلي للذكاء الاصطناعي.
يرى “تشانغ”، الذي يُدير أصول تفوق 10 مليار دولار، أن السوق ما يزال في مرحلة مبكرة من دورة الذكاء الاصطناعي، وأن التسرّع في الحكم على الارتفاع الحالي باعتباره فقاعة سيكون سابقا لأوانه.
ويأتي هذا التقدير ضمن موجة تفاؤل لدى عدد من المستثمرين الذين يعتبرون طفرة الذكاء الاصطناعي ثورة تقنية لا تتكرر إلا مرة كل جيل، وليست مجرّد موجة عابرة.
ويشارك “هارتويج كوس” من “أليانز جلوبال إنفستورز” هذا الرأي، مؤكدا أن الكثيرين لا يدركون حتى الآن الحجم الحقيقي لقدرات الذكاء الاصطناعي، وأن الحديث عن فقاعة السوق ما يزال مبكرا.
حيث أن المؤشرات الفعلية للتباطؤ – كتراجع الإنفاق، أو انخفاض الاستخدام، أو ظهور تقنيات بديلة تُقلّل الطلب على مراكز البيانات والرقائق – لم تظهر بعد.
ورغم الانتقادات المتزايدة لما يُعرف بـ”الاستثمار الدائري” بين شركات الذكاء الاصطناعي، يرى “تشانغ” أن بناء النظام البيئي لهذه التقنية يتطلب تعاون واسع بين الشركات.
ويؤكد أن الأرباح المتنامية للشركات المرتبطة بالقطاع والأسعار القوية لشرائح الذاكرة تدعم استمرار النمو خلال المدى المتوسط.
إلا أن موجة التراجع الأخيرة في أسهم الرقائق تضع هذا التفاؤل تحت الاختبار.
فبعد أشهر من الارتفاع، شهدت أسهم أشباه الموصلات الأمريكية جني أرباح ملحوظ خلال نوفمبر، وانخفض مؤشر الرقائق الأمريكي بنحو 9.4%، فيما تراجع مؤشر بلومبرغ المماثل للأسهم الآسيوية بأكثر من 7%.
في المقابل، يرى “مارك بولتون” من “بيكتيت” لإدارة الأصول أن السوق مُبالغ في توقعاته تجاه الذكاء الاصطناعي، مرجّحا أن تحدث إعادة ضبط لهذه التوقعات في وقت لاحق.
كما أشار “يونغ جاي لي”، من الشركة نفسها، إلى انخفاض قناعته السابقة بقدرة أسهم شركات أشباه الموصلات الآسيوية على تحقيق مكاسب كبيرة كما حدث سابقا.
ويُقارن بعض المحللين ما يحدث اليوم ببدايات فقاعة الإنترنت، خصوصا مع هيمنة الشركات السبع الكبيرة على مكاسب مؤشر ستاندرد آند بورز 500.
فشركة إنفيديا وحدها تجاوزت قيمتها السوقية مؤخرا إجمالي القيمة السوقية لعدد من أسواق الأسهم الكبرى.
في الأسواق الآسيوية، تزداد الحاجة إلى قناعة أكبر بنمو القطاع لتعويض الضغوط الإضافية مثل التوترات التجارية وضعف الاقتصاد الصيني.
ويرى “تشانغ” أن جزء من عمليات البيع الأخيرة يعود إلى تحوّط المستثمرين قبل إعلان نتائج إنفيديا عبر شراء خيارات بيع، ما ضغط على الأسعار مؤقتا.
لكنه يتوقع انتعاش في حال جاءت نتائج الشركة قوية، إذ سيغلق المستثمرون مراكز التحوّط.
ويُتداول مؤشر الذكاء الاصطناعي العالمي حاليا عند مضاعف ربحية يبلغ 29 ضعف للأرباح المتوقعة خلال 12 شهر، وهو مستوى يعتبره “تشانغ” “معقول قياسا بالنمو المتحقق، خاصة أن الشركات الآسيوية الرئيسية المورّدة لإنفيديا، مثل تايوان لصناعة أشباه الموصلات وسامسونغ، ما تزال تُتداول عند مستويات أقل.
ويختتم “تشانغ” بأن صلابة الأساسيات الحالية تجعل من أي تصحيح ناتج عن تراجع السيولة فرصة للشراء، ما دام النمو الهيكلي للذكاء الاصطناعي مستمر.
اقرأ أيضا:
تدافع البيانات الاقتصادية بعد الإغلاق الحكومي يعيد تركيز الأسواق على تقارير التوظيف والتضخم