صعود الفضة إلى قمة تاريخية: هل نحن أمام طفرة استثمارية جديدة؟

صعود الفضة إلى قمة تاريخية: هل نحن أمام طفرة استثمارية جديدة؟

تواصل الفضة — أو كما يُطلق عليها كثيرون لقب “معدن الشيطان” بسبب تقلباتها الحادة — تسجيل ارتفاعات تاريخية خلال عام 2025، وسط نقص حاد في الإمدادات وقفزة غير مسبوقة في الطلب العالمي.

وبينما يتجه الذهب لتحقيق قمم قياسية جديدة متجاوزا 4000 دولار للأونصة، تسير الفضة على خطاه لكن بوتيرة أكثر حدة، ما يجعلها حديث الأسواق العالمية اليوم.

ارتفاع تاريخي… رغم تراجع العرض

بلغت أسعار الفضة في منتصف أكتوبر مستوى قياسي بلغ 54.47 دولار للأونصة، بارتفاع سنوي وصل إلى 71%.

ورغم بعض التصحيحات السريعة، عاودت الأسعار الصعود مرة أخرى مدفوعة بضغط الطلب وشح الإمدادات.

كشف “بول سيمز”، رئيس إدارة المنتجات السلعية في “Invesco”، أن ندرة العرض دفعت بعض الشركات إلى نقل الفضة عبر الطائرات بدل الشحن البحري لتلبية الطلب العاجل — مشهد يعكس حجم الضغوط في السوق.

وأضاف “سيمز” أن ديناميكيات السوق الحالية “مختلفة عن السابق” وتشير إلى أن الأسعار قد تبقى مرتفعة لفترة طويلة وربما تستمر بالصعود.

ثالث أكبر ذروة خلال نصف قرن

شهد أكتوبر الماضي ثالث أعلى ذروة للفضة خلال الخمسين عام الأخيرة، بعد ارتفاعات:

  • يناير 1980: عندما حاول الأخوان “هنت” السيطرة على سوق الفضة.
  • عام 2011: خلال أزمة سقف الدين الأميركي، حين تدفق المستثمرون نحو الملاذات الآمنة.

هذه المرة، لم يكن الاستثمار المضاربي وحده السبب الأساسي، بل جاء الارتفاع مدفوع بمزيج قوي من ضعف الإمدادات، وحجم الطلب الضخم من الهند، والاستخدامات الصناعية، والرسوم الجمركية.

هذا وتعد الهند أكبر مستهلك للفضة عالميا بمتوسط 4000 طن سنويا تُستخدم في:

  • المجوهرات
  • الأدوات المنزلية
  • الزينة والطقوس الدينية

ومع انتهاء موسم الأمطار والحصاد، ارتفع الطلب التقليدي للمزارعين على المعادن، وعلى رأسها الذهب والفضة، باعتبارهما أداة ادخار مفضلة بعيدًا عن النظام البنكي.

تزامن ذلك مع احتفالات ديوالي، أكبر مناسبة دينية واقتصادية في الهند، ما دفع الطلب لمستويات قياسية.

ففي 17 أكتوبر، سجلت الفضة في الهند 170,415 روبية للكيلوغرام — بارتفاع 85% منذ بداية العام.

تفاقم أزمة العرض عالميا:

رغم دعم الإمارات والصين للطلب الهندي، يبقى المصدر الرئيسي للفضة للهند هو المملكة المتحدة، لكن مخزونات لندن شهدت تآكل حاد:

  • في يونيو 2022: 31,023 طن
  • في مارس 2025: 22,126 طن فقط — أدنى مستوى منذ سنوات

أوضحت “رونـا أوكونيل” من “StoneX” أن الوضع وصل لمرحلة لم يعد هناك أي عرض متاح فعليا في لندن.

الأزمة بلغت حد اضطر فيه المتداولون إلى دفع فوائد اقتراض تجاوزت 200% سنويا لإغلاق مراكزهم — مشهد يعكس حجم الضغط الهيكلي في السوق.

تُظهر بيانات “World Silver Survey 2025” أن الإنتاج المنجمي للفضة في تراجع مستمر منذ 10 سنوات، خاصة في أمريكا الوسطى والجنوبية.

وفي الوقت نفسه، يتحول فائض السوق إلى عجز واضح نتيجة ثلاثة محركات رئيسية:

1. التحول نحو السيارات الكهربائية (EVs)

يحتوي كل مركبة كهربائية على حوالي:

  • 25 غرام من الفضة في السيارات العادية
  • 50 غرام في السيارات الأكبر

ومع تطور البطاريات نحو البطاريات الصلبة (Solid-state)، قد يصل استخدام الفضة إلى 1 كيلوغرام لكل سيارة.

2. الطفرة في الذكاء الاصطناعي (AI)

المعالجات عالية الأداء ومراكز البيانات تحتاج إلى معادن ذات موصلية عالية، والفضة هي الأعلى عالميا.

3. الطاقة الشمسية (Photovoltaics)

تشكل الفضة عنصر أساسي في الخلايا الشمسية، ومع توسع مشاريع الطاقة المتجددة عالميا، ارتفع الطلب عليها بشكل كبير.

الفضة… المعدن الذي يقف بين الأنشطة الصناعية والملاذ الآمن:

تجمع الفضة في طبيعتها بين كونها معدن نفيس ومادة صناعية لا غنى عنها.

ومع توسع التقنيات الكهربائية والرقمية، تبدو الفضة في موقع مثالي للاستفادة من كلا الاتجاهين.

يصف سيمز هذه الميزة بقوله:

الفضة تعبر الجسر بين المعادن النفيسة والصناعية، ومع تقدم التكنولوجيا للطاقة الشمسية والبطاريات، فإن استخدامها يتسع بقوة في عالم أكثر كهربائية.

اقرأ أيضا:

الذكاء الاصطناعي وخفض الفائدة يدفعان جي بي مورغان لرفع توقعاته بشأن مؤشر S&P 500

Scroll to Top