لماذا قد لا تؤدي تخفيضات الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة التي تهمك كمتابع فعلا؟

لماذا قد لا تؤدي تخفيضات الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة التي تهمك كمتابع فعلا؟

يتميّز اقتصاد ما بعد الجائحة (جائحة كورونا 2020) بسلوكيات غير تقليدية ونتائج مفاجئة جعلت التحليل الاقتصادي أكثر تعقيدا.

ومع أن تخفيضات الفيدرالي عادة ما تدفع العوائد إلى الانخفاض، إلا أن ما يحدث اليوم يعكس صورة مغايرة تماما.

فبعد سنوات من الاضطرابات المرتبطة بجائحة كورونا وإعادة تشكيل العلاقات التجارية العالمية، باتت الأسواق المالية تتجه نحو أنماط يصعب التنبّؤ بها — وأبرزها سؤال محوري يشغل المستثمرين:

لماذا ترتفع عوائد السندات الأمريكية رغم بدء الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة؟

تخفيضات الفيدرالي مقابل ارتفاع عوائد السندات: مفارقة اقتصادية

منذ سبتمبر الماضي، بدأ الاحتياطي الفيدرالي تخفيف سياسته النقدية عبر خفض الفائدة بإجمالي 1.5 نقطة مئوية مع فترة توقف طويلة خلال 2025.

واليوم، من المتوقع أن يضيف خفض جديد بمقدار ربع نقطة ضمن مسار يهدف للانتقال من سياسة تقييدية إلى سياسة حيادية.

وفي الظروف الطبيعية، يؤدي هذا التحول إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة — وبالتالي انخفاض الرهن العقاري وتكاليف الاقتراض.

لكن الواقع مختلف.

حتى عصر الثلاثاء:

  • بلغ عائد سندات الخزانة لأجل 30 عام نحو 4.8%
  • وبلغ عائد 10 سنوات حوالي 4.17%

وهما أعلى مما كانا عليه عند بدء دورة التيسير النقدي.

ما أسباب ارتفاع العوائد رغم خفض الفائدة؟

يُرجع المحللون هذا السلوك غير المعتاد إلى عدة عوامل:

1. تغيّر النظام التجاري العالمي وحالة عدم اليقين السياسي

التقلبات في سياسات التجارة الأمريكية وارتفاع المخاطر السياسية يجعلان المستثمرين يطالبون بعوائد أعلى لتعويض المخاطر المتزايدة المرتبطة بحيازة الدين الحكومي طويل الأجل.

2. القلق من اتساع العجز المالي الأمريكي

رغم أن العجز لطالما كان محدود التأثير على عوائد السندات بسبب قوة الاقتصاد الأمريكي ومكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية، إلا أن الظروف الحالية تشير إلى احتمال تغيّر هذه المعادلة.

3. تشكيك الأسواق في استمرار الفيدرالي بخفض الفائدة

ترى بعض المؤسسات المالية أن التضخم لا يزال مرتفع نسبيا، ما قد يجعل السوق غير مقتنع تمام بمسار التيسير المستقبلي للفيدرالي.

وجهات نظر أكثر تفاؤل

على الجانب الآخر، هناك تفسيرات إيجابية لهذا التباين، منها:

  • الثقة في تجنب الركود الاقتصادي

يرى بعض الخبراء أن ارتفاع العوائد قد يعكس ثقة المستثمرين في قدرة الاقتصاد على تحقيق “هبوط ناعم” دون ركود.

  • عودة أسعار الفائدة إلى مستويات ما قبل أزمة 2008

يشير اقتصاديون آخرون إلى أن عهد الفائدة المنخفضة للغاية بعد الأزمة المالية كان استثناء تاريخي، وأن العوائد الحالية تمثل عودة إلى الوضع الطبيعي.

ما تأثير ذلك على الاقتصاد الأمريكي؟

ارتفاع العوائد يعني ارتفاع تكاليف الاقتراض على الشركات والمستهلكين، بما في ذلك:

  • معدلات الرهن العقاري
  • القروض التجارية
  • تكلفة تمويل المشاريع والاستثمارات

ورغم الجهود الحكومية الرامية إلى خفض هذه التكاليف لتحفيز النشاط الاقتصادي، إلا أن الأسواق المالية قد لا تستجيب بسهولة.

الخلاصة: تخفيضات الفيدرالي لا تضمن انخفاض أسعار الفائدة الحقيقية

تكشف دورة التيسير الحالية عن حقيقة مهمة:
أن خفض الفيدرالي للفائدة لا يعني بالضرورة انخفاض العوائد أو الفوائد التي تؤثر فعليا على حياة المستهلكين والمستثمرين.

فالعوامل الجيوسياسية، والعجز المالي، وتوجّهات السوق أصبحت تلعب دور أكبر من أي وقت مضى في تحديد اتجاه العوائد وتكاليف الاقتراض.

اقرأ أيضا:

Scroll to Top